دول جنوب البحر الأبيض المتوسط
الجزائر
مصر
الأردن
لبنان
ليبيا
المغرب
فلسطين
سوريا
تونس
الدول الأوروبية
التنمية الاقتصادية والحوار الاجتماعي

مشروع "مجالات":

منتدى بروكسيل للمجتمع المدني

من السابع إلى التاسع من يوليو/تموز 2021، عبر الإنترنت

مذكّرة مفاهيمية حول

التنمية الاقتصادية والحوار الاجتماعي

1-السياق الإقليمي

اعتمدت المفوضية الأوروبية والممثّل السامي في التاسع من فبراير\شباط 2021، بلاغًا مشتركًا بعنوان "الأجندة الجديدة لمنطقة المتوسط. ويأتي بلاغ تجديد الشراكة بالتزامن مع الذكرى الخامسة والعشرين لإعلان برشلونة والتزام الجهات الشريكة على ضفتي المتوسط بإيجاد فسحة للحوار والتبادل والتعاون تضمن السلام والاستقرار الازدهار. وهي تقرّ بترابط الأفراد وبالحاجة إلى العمل بروح من الشراكة في سبيل تحويل التحديات المشتركة إلى فرص تستند إلى المصالح المتبادلة. وأُعطيت الأولوية في البلاغ لخمسة مجالات سياساتية من ضمنها تعزيز المرونة وبناء الازدهار. كما تم الإقرار في البلاغ بالتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها الجهات الشريكة الجنوبية وفي هذا الصدد، يقترح الاتحاد الأوروبي "خطة اقتصادية واستثمارية لبلدان الجوار الجنوبي" من أجل تحفيز الانتعاش طويل الأجل وتحقيق اقتصادات مترابطة ومستدامة ومرنة في المنطقة.

لطالما وجّه الناس في المنطقة دعوات لمواجهة التحديات المنهجية والبنيوية. بيّنت الانتفاضات الشعبية الحاجة إلى إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتصدي لأوجه عدم المساواة المتعددة الأبعاد وأشكال التمييز ضدّ النساء والفئات المستضعفة ونقص الوصول إلى الحاجات الأساسية. علاوة على ذلك، فاقمت جائحة كورونا من أوجه عدم المساواة الصحية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية وأظهرت عجز الحكومات على مجابهة التحديات. إنّ نموذج التنمية في المنطقة القائم على النمو الاقتصادي والاستثمار الأجنبي بلا عدالة اجتماعية، بشكّل أحد التحديات البنيوية التي أعاقت العملية في المنطقة.  تعتمد البلدان في المنطقة على الاقتصادات غير المنتجة والتي تفتقر إلى آليات لإعادة توزيع الثروات والحماية الاجتماعية. علاوة على ذلك، إنّها تعتمد بشكل كبير على التمويل الخارجي والمديونية. وشجّعت المؤسسات المالية الدولية خيارات السياسة الاقتصادية هذه التي دامت عقودًا وقد ثبُتت بالفعل عدم قدرتها على تحقيق التنمية العادلة والمستدامة.

في هذا السياق، يتعيّن إعادة النظر قي السياسات الاقتصادية المنفذة في البلدان الشريكة حول التجارة والاستثمار وسياسات الخصخصة مع مراعاة حاجات التنمية المستدامة الوطنية واعتماد نهج قائم على الحقوق. تدعو الحاجة إلى تعزيز القدرات الإنتاجية للبلدان الجنوبية الشريكة ودعم المبادرات التي تساعدها على الابتعاد عن الاقتصادات الريعية والتحوّل إلى اقتصادات وطنية منتجة ومتنوعة. وتُعتبر السياسات الاستثمارية والتجارية للاتحاد الأوروبي أمرًا حيويًا في هذا الإطار لما كان الاتحاد الأوروبي يشكّل شريكًا تجاريًا رئيسيًا لكافّة بلدان المنطقة تقريبًا.

أظهر التقرير السنوي الرابع بشأن تنفيذ الاتفاقات التجارية[1] للاتحاد الأوروبي الذي تمّ نشره في أواخر شهر نوفمبر 2020 ما يلي: في حين أنّ الجهات الشريكة من المنطقة المتوسطية والشرق أوسطية لا تشكّل سوى نسبة سبعة في المئة من التجارة الخارجية للاتحاد الأوروبي، إلا أنّ المنطقة تمتلك سوقًا مهمة جدًّا لصادرات الاتحاد الأوروبي مصحوبة بفرص لا سيّما بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم القائمة في المنطقة في بعض القطاعات التقليدية مثل النسيج والسيراميك. بيد أنّ المنطقة لا تزال تعد مستوردًا رئيسيًا للسلع، وتحديدًا في قطاعي الطاقة والأغذية الزراعية. ولا تزال هناك انتقادات قديمة العهد بما في ذلك من طرف المجتمع المدني حيال السياسات التجارية للاتحاد الأوروبي في المنطقة لا سيّما في سياق إطار عمل التنمية المستدامة. في هذا الصدد، تعتبر الآليات الحالية الموفرة من الاتحاد الأوروبي لتقييم آثار الاتفاقات التجارية محدودة، بما في ذلك أحدث تقييم لاحق لأثر الفصول التجارية لاتفاقات الشراكة الأورو-متوسطية المعقودة مع ستة بلدان شريكة: الجزائر ومصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس[2]. تتسم التقييمات السابقة واللاحقة بأهمية بالغة غير أنّ التقييم الذي أُجريَ قد استند إلى النموذج الإشكالي لفريق الخبراء الحكوميين معتمدًا نهج التنمية الليبرالية القائمة على النمو، الأمر الذي يجعل الاستنتاجات الإيجابية التي تم التوصل إليها ذات إشكالية. مع بلوغ العاملين من السكّان نسبة 44 في المئة ووصول معدلات الفقر إلى 41 في المئة، يرسم الوضع على الأرض صورة قاتمة وتبدو مكاسب النمو الناجمة عن هذه الاتفاقات محدودة.

بناء على ذلك، يتعيّن الإصغاء إلى شواغل المجتمع المدني بشأن اتفاقات التجارة الحرة الشاملة والعميقة لا سيّما بالنسبة للقيمة المضافة التي تحققها هذه الاتفاقات نحو تعزيز التجارة المركزة على التنمية حيال هذه البلدان. كما يتعيّن إدماج الاعتبارات المتعلقة بحقوق الإنسان في عملية صياغة هذه السياسات والتفاوض عليها وتنفيذها. ويستدعي ذلك أن تكون المفاوضات التجارية عمليّات تتسم بالشفافية والمشاركة والديمقراطية وتضم كافة فئات المجتمع بطريقة حسنة التوقيت وذات مغزى. ثمة آليات مرعية الإجراء تابعة للاتحاد الأوروبي لإشراك المجتمع المدني وتشمل حوارات وورش عمل واجتماعات خاصة بالمجتمع المدني تنظمها بعثات الاتحاد الأوروبي. غير أنّ هذه الآليات تعاني من أوجه قصور كما أنّه هناك حاجة إلى حوار منظّم يضم الاتحاد الأوروبي والبلدان الشريكة ومنظّمات المجتمع المدني والنقابات العمالية.

2- أنشطة مشروع مجالات وتوصياته بشأن التنمية الاقتصادية والحوار الاجتماعي

نظّم مشروع مجالات ضمن إطار عمل التنمية الاقتصادية والحوار الاجتماعي، سلسلة من الأحداث على شبكة الانترنت تضمنت نقاشات وأنشطة بناء قدرات آيلة إلى تعزيز معرفة المجتمع المدني بسياسات الاتحاد الأوروبي وآلياته ومناقشة الشواغل الرئيسية وصياغة التوصيات. ساهمت هذه الأنشطة في بناء القدرات ورفع الوعي في صفوف مجموعات المجتمع المدني في المنطقة. وسوف يتردد صدى نتائجها على المستوى الوطني من خلال جلسات المائدة المستديرة الوطنية التي سوف تنظّم مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي.

ركّزت المناقشات في خلال هذه الأنشطة على القضايا الرئيسية المثيرة للقلق، مثل تبعات جائحة كورنا وتقلص الحيّز المدني وآثار السياسات التجارية والاستثمارية للاتحاد الأوروبي ضمن إطار عمل التنمية المستدامة. ذكر ممثلو المجتمع المدني بأنّ جائحة كورونا كشفت بوضوح بأنّ الآثار سوف تكون أكثر شدة في منطقة الجوار من جرّاء الافتقار إلى الحماية الاجتماعية الشاملة وإلى سياسات التوزيع المتساوي والعادل فضلًا عن سوء استخدام الموارد وتقليص الإنفاق الاجتماعي وارتفاع معدلات الفقر والعمالة غير الرسمية والانتهاكات المتعلقة بالوصول إلى الحقوق الأساسية والقدرة على تحمل تكاليفها بما فيها الرعاية الصحية والتعليم. بالتالي، سوف تخلق الآثار السلبية لجائحة كورونا تحديًا ضخمًا بالنسبة لإحدى الأولويات الرئيسية لسياسة الاتحاد الأوروبي حيال المنطقة وتحديدًا التنمية الاقتصادية الآيلة إلى تحقيق الاستقرار والازدهار المشترك.

علاوة على ذلك، سلّطت هذه الأنشطة الضوء على توصيات عدة تدعو الاتحاد الأوروبي والبلدان الشريكة إلى تحويل فترة التعافي من جائحة كورونا إلى فرصة من أجل تعزيز التحوّل العادل إلى اقتصادات مستدامة في الجوار الجنوبي. وبالنسبة لسياسة الاتحاد الأوروبي الآيلة إلى بناء المرونة وتوفير الدعم في عمليّة التعافي من جائحة كورونا، تمت دعوة الاتحاد الأوروبي إلى ضمان الاستثمارات المستدامة وطويلة الأجل في سبيل تعزيز الأنظمة الصحية للتعافي من الجائحة والحق في الصحة للجميع من دون أي تمييز وتعزيز الحماية الاجتماعية الشاملة من خلال مساعدة البلدان الشريكة في اعتماد خطط تتكيّف مع مواردها.

في ظلّ غياب دور هادف للمجتمع المدني في السياسات التجارية والاستثمارية، تمّت دعوة الاتحاد الأوروبي إلى إرساء حوار رسمي ومنظم مع المجتمع المدني حول التجارة يفسح المجال أمام المجتمع المدني الجنوبي للتعبير عن شواغله وأولوياته. واعتُبرَ ذلك مسألة في غاية الأهمية نظرًا لأنّ الحوارات مع المجتمع المدني ضمن المديرية العامة للتجارة مفتوحة فقط أمام المجتمع المدني الأوروبي.

فيما يتعلّق بالبلاغ الجديد بشأن المنطقة والتنقيح المحتمل لخطط عمل سياسة الجوار الأوروبية، برزت مطالبات بتضمين الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي في البرمجة على المستوى الوطني. وتمّ في هذا الصدد التشديد على رصد المساهمة في التنمية الاقتصادية بما يتجاوز النمو ومستوى الناتج المحلي الإجمالي، من أجل تقييم أهمية هذه المساهمة وتأثيراتها على المناخ والطاقة والنقل والزراعة والتنوع البيولوجي والسياسات الصناعية.

3-البحث الإقليمي حول السياسة التجارية والاستثمارية للاتحاد الأوروبي

على هذا الأساس، وفي سبيل تجسيد المزيد من شواغل المجتمع المدني حيال التبعات المحتملة للسياسات التجارية والاستثمارية للاتحاد الأوروبي في الأجندة الجديدة الخاصة بالمنطقة المتوسطية، أصدرت شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية بالنيابة عن مشروع مجالات تكليفًا بإجراء بحث إقليمي لاستكشاف السياسات التجارية والاستثمارية للاتحاد الأوروبي.

ركّز البحث على نهج الاتحاد الأوروبي المتعلق بالسياسات الاستثمارية والتجارية والتنموية والاقتصادية ضمن الأجندة الجديدة.  وفحص ما إذا كانت المرونة الاقتصادية ومفاهيم الانتقال الأخضر والرقمي للاتحاد الأوروبي تتماشى مع التحول الاجتماعي والاقتصادي الذي يطالب به سكّان البلدان الجنوبية الشريكة. علاوة على ذلك، تنظر الورقة في الدروس المستفادة من اتفاقات التجارة الحرة ومفاوضات اتفاقات التجارة الحرة الشاملة والمعمقة.

ويتناول البحث أيضا الحاجات الاجتماعية والاقتصادية للبلدان الجنوبية الشريكة في ضوء جائحة كورونا ومن أجل تغيير تحويلي نحو تنمية مستدامة من خلال الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.

سوف يوفّر اجتماع الحوار الوطني الذي تنظمه شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية منبرًا لعرض النتائج الرئيسية التي خلُص إليها البحث وسوف يُفسح المجال للمبادلات بين المجتمع المدني ومسؤولي الاتحاد الأوروبي حول التنمية الاقتصادية والحوار الاجتماعي.

 

[1] https://ec.europa.eu/transparency/regdoc/rep/1/2020/EN/COM-2020-705-F1-EN-MAIN-PART-1.PDF1

[2] https://www.fta-evaluation.com/eu-mediterranean/wp-content/uploads/2020/04/2020-04-07-Interim-report.pdf

ملفات للتحميل